responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 51
وَضَمِيرُ الْغَيْبَةِ فِي لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ رَاجِعٌ إِلَى مِنْ الْمَوْصُولَةِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ مَدْلُولِ صِلَتِهَا جَمَاعَةً مِنَ النَّاسِ.
وَالتَّذَكُّرُ تَذَكُّرُ حَالَةِ الْمُثْقَفِينَ فِي الْحَرْبِ الَّتِي انْجَرَّتْ لَهُمْ مِنْ نَقْضِ الْعَهْدِ، أَيْ لَعَلَّ مَنْ خَلْفَهُمْ يَتَذَكَّرُونَ مَا حَلَّ بِنَاقِضِي الْعَهْدِ مِنَ النَّكَالِ، فَلَا يُقْدِمُوا عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ، فَآلَ
مَعْنَى التَّذَكُّرِ إِلَى لَازِمِهِ وَهُوَ الِاتِّعَاظُ وَالِاعْتِبَارُ، وَقَدْ شَاعَ إِطْلَاقُ التَّذَكُّرِ وَإِرَادَةُ مَعْنَاهُ الْكِنَائِيِّ وَغلب فِيهِ.
[58]

[سُورَة الْأَنْفَال (8) : آيَة 58]
وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (58)
عَطْفُ حُكْمٍ عَامٍّ لِمُعَامَلَةِ جَمِيعِ الْأَقْوَامِ الْخَائِنِينَ بَعْدَ الْحُكْمِ الْخَاصِّ بِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ الَّذِينَ تَلُوحُ مِنْهُمْ بَوَارِقُ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ، بِحَيْثُ يَبْدُو مِنْ أَعْمَالِهِمْ مَا فِيهِ مُخَيِّلَةٌ بِعَدَمِ وَفَائِهِمْ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ، إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَإِذ هُمْ يَنْتَفِعُونَ مِنْ مُسَالَمَةِ الْمُؤْمِنِينَ لَهُمْ، وَلَا يَنْتَفِعُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ مُسَالَمَتِهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
وَالْخَوْفُ تَوَقُّعُ ضُرٍّ مِنْ شَيْءٍ، وَهُوَ الْخَوْفُ الْحَقُّ الْمَحْمُودُ. وَأَمَّا تَخَيُّلُ الضُّرِّ بِدُونِ أَمَارَةٍ فَلَيْسَ مِنَ الْخَوْفِ وَإِنَّمَا هُوَ الْهَوَسُ وَالتَّوَهُّمُ. وَخَوْفُ الْخِيَانَةِ ظُهُورُ بَوَارِقِهَا. وَبُلُوغُ إِضْمَارِهِمْ إِيَّاهَا، بِمَا يَتَّصِلُ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ أَخْبَارِ أُولَئِكَ وَمَا يَأْتِي بِهِ تَجَسُّسُ أَحْوَالِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [الْبَقَرَة: 229] وَقَوْلُهُ: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً [النِّسَاء: 3] .
وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [229] .
وقَوْمٍ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتُفِيدُ الْعُمُومَ، أَيْ كُلُّ قَوْمٍ تَخَافُ مِنْهُمْ خِيَانَةً.
وَالْخِيَانَةُ: ضِدُّ الْأَمَانَةِ، وَهِيَ هُنَا: نَقْضُ الْعَهْدِ، لِأَنَّ الْوَفَاءَ مِنَ الْأَمَانَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْخِيَانَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست